وإذا كان الوضوء يغسل الأعضاء الظاهرة من جسد الإنسان فإنَّ باقي جسد الإنسان له حظ أيضا من النظافة في الإسلام؛ فهناك أغسال واجبة لتطهير بدن المسلم من الحدث الأكبر، كما هناك أغسال مسنونة ومستحبة، وعن الغسل الواجب جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ" رواه البخاري.
ففي هذا الحديث الشريف يرشد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمته بوجوب الاغتسال عند حصول الجنابة، كما يجب الغسل أيضًا عند الاحتلام إذا صاحب هذا خروج المني؛ فعنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغَسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: "نَعَمْ. إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ" فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَة،َ فَقَالَتْ: تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَبِمَ يُشْبِهُ الْوَلَدُ؟!" رواه البخاري.
وأيضا يجب على المرأة أن تغتسل إذا هي طهُرت من الحيض أو النفاس؛ فعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ: "خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا" قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: "تَطَهَّرِي بِهَا" قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ! تَطَهَّرِي". فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ، فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ" رواه البخاري.
وكذلك هناك أغسال مسنونة مثل غسل الجمعة؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" رواه البخاري.
وليس الغسل فقط في يوم الجمعة هو المسنون فهناك السواك والطيب أيضا، ممَّا يجعل المسلم يغدو إلى بيت الله نظيفا متطيبا؛ فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنْ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ" رواه مسلم.
والمسلم كذلك يستحب له أن يخصص يومًا من الأسبوع لغسل رأسه وجسده؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حَقٌّ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ" رواه مسلم.
وحثَّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عناية المسلم بسنن الفطرة، وهي لونٌ من ألوان النظافة العامة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْآبَاطِ" رواه البخاري.